Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
31 décembre 2010 5 31 /12 /décembre /2010 20:42

maniftinghirdrapoo.jpg

مصطفى ملو



بداية أعلن تضامني المبدئي و اللامشروط مع ساكنة تنغير،وأحييها على انتفاضتها الشعبية والعفوية العارمة ضد التفقير،القهر،الظلم،الإستبداد والتهميش،والشطط في استعمال السلطة،و الإبتزاز والفساد بكل ماركاته. 

 سبق لي وأن تحدثت في مقال بعنوان "أمطار التعرية"، الذي جاء على خلفية الفيضانات التي عرفتها مجموعة من كبريات المدن والقرى المغربية عن الأوضاع الكارثية التي تعيشها بلادنا على مختلف الأصعدة،وحاولت التطرق فيه إلى الفساد المستشري في جميع القطاعات؛بدءا من أبسط الموظفين وصولا إلى مراكز القرار،واعتبرت أن الخسائر الفادحة الناجمة عن تلك الفيضانات،ما هي إلا جزء صغير كشفت عنه تلك الأمطار مما يعانيه هذا الوطن من فساد،كما نبهت كذلك إلى أن الوضع حقا كارثي وينذر بما لا تحمد عقباه إذا لم يتم تدارك الموقف قبل فوات الأوان،ولم تمر سوى أسابيع قليلة عن ذلك حتى اندلعت مواجهات في بوكيدارن بالحسيمة،حيث ثار شباب غاضبون على الظلم واستعمال النفوذ والمال الذي كان ضحيته أحد السكان،والظلم واستغلال النفوذ كما نعلم،علامة من علامات الفساد ونوع من أنواع الشغب التي سنعود للتفصيل فيها.

 مرت الأيام وجاء الدور على تنغير التي كانت على موعد مع مسيرة احتجاجية حاشدة لم تشهد لها المدينة نظيرة من قبل،فهب إليها شباب المنطقة ورجالها وأطفالها أفواج أفواج تسرع كالأمواج،ليقولوا بصوت واحد وبكل اللغات لا للنهب،لا للتلاعب بالمال العام،لا للزبونية والمحسوبية،لا للتهميش والإقصاء،لا للترامي على الأراضي،لا لسرقة ثروات المنطقة وتوجيهها إلى مناطق أخرى،في الوقت  الذي تعيش فيه ساكنة المنطقة تفقيرا على مختلف المستويات؛فمن ضعف البنيات التحتية إن لم نقل انعدامها،إلى غياب تام للنوادي الرياضية والثقافية، إلى رداءة الخدمات الصحية وانعدام الأجهزة الطبية الحديثة والأطباء المتخصصون لإجراء العمليات الجراحية،مما يظطر أغلب المرضى إلى التنقل إلى مدن أخرى كالرشيدية و ورزازات اللتان ليستا بأحسن حال من تنغير وباقي المدن المغربية،فابتزاز أغلب الأطباء للمرضى ظاهرة متفشية في كل المستشفيات،والرشوة والزبونية عنوان كل المؤسسات الصحية، واحتقار المواطنين واللامبالاة بمصالحهم ماركة مسجلة في كل الإدارات،وفي كل المدن،كل هذا كان هو القاسم المشترك بين ساكنة تنغير و ساكنة بوكيدارن و سيكون السبب الرئيس في ثورة المواطن ضد الظلم والشغب،إذا لم يتم تغيير الأوضاع،والبقية آتية لا ريب!! 

 *حول الإحتجاج :

لن أدخل هنا في تفاصيل مناقشة وشرح معنى الإحتجاج لغة لأن ذلك ليس موضوعنا ولن يفيدنا في شيء،وسأكتفي بالقول؛بأن الإحتجاج حق مشروع تضمنه كل الدساتير والمواثيق الدولية،وهو يدخل ضمن حرية التعبير،و وسيلة من وسائله التي تكون إما بالقول أو الفعل أو الكتابة أو التصوير،دون أن تمس هذه الحرية بحرية وحقوق الأخرين،وهذا هو نفس الشرط الذي يشترط توفره في الإحتجاج،حتى يصبح حقا مشروعا،ويعني هذا أن يكون الإحتجاج سلميا وخاليا من أعمال العنف والتخريب،فهو أصلا موجه ضد التخريب والفساد،هذا من الناحية النظرية،أما من الناحية التطبيقية فالإحتجاج يعتبر أمرا ضروريا ومطلوبا ضد الظلم و الإستبداد والنهب وغيرها من مظاهر الفساد،ولا يمكن أن يكون الإحتجاج بمحض الصدفة،أو بدون أسباب تدفع بالمحتج إلى الإحتجاج والتظاهر،وبالتالي فهو تعبير عن وضع شاذ وغير طبيعي،ونتيجة حتمية لحالة إقتصادية أو إجتماعية أو سياسة أو ثقافية متردية،أساسها وسببها الفساد،و اللامبالاة من لدن المعنيين و الموكولة إليهم مهام تسيير هذه القطاعات. 

 إن الملاحظ في الدول المتخلفة ديمقراطيا واقتصاديا،هو تعاملها الأمني اللامسؤول و اللاأخلاقي مع كل الأعمال الإحتجاجية التي تقوم ضد الفساد،أو للتعبير عن الرفض الشعبي للأوضاع القائمة والمتأزمة،ولعل تعامل السلطات المصرية مع المحتجين عقب الإنتخابات الأخيرة التي عرفتها مصر،وقمع تظاهرة سلمية تضامنية مع أهالي سيدي بوزيد بتونس العاصمة،وقبل ذلك الهجوم على مجموعة من النواب الكويتيين لخير دليل على الطابع القمعي العنيف الذي تنهجه هذه الدول ومثيلاتها عند تعاملها مع كل احتجاج أو تظاهرة أو عصيان،مما يؤدي بالتالي إلى خروج هذه الإحتجاجات عن مسارها السلمي وتحولها إلى أعمال للعنف المضاد  أو الدفاع عن النفس والرغبة في الإنتقام من لدن المحتجين.

 من الأساليب الأمنية التي تستخدمها معظم أنظمة دول العالم الثالث كذلك في قمع الإحتجاجات،الإنزالات الأمنية المكثفة  والرهيبة في المواقع المزمع انطلاق الإحتجاجات منها قبل حدوثها، وذلك بغية ترهيب المواطنين ودفعهم إلى التراجع والتخلي عن المشاركة في الإحتجاج،كما تنهج أسلوب الترغيب والإغراء أو الترهيب والتهديد،ترغيب بالإستمالة وإغراء بالمال لمن ترى فيهم تلك السلطات متزعمين ودعاة الإحتجاج،وفي حالة فشل أسلوب الترغيب،يتم اللجوء إلى عمل الترهيب والوعيد؛إما بالسجن بدون محاكمة مما ينتج عنه اعتقالات تعسفية بالجملة،وإما بالمتابعة القضائية وتلفيق وتوزيع التهم المجانية،وذلك محاولة من هذه السلطات لإحباط المواطنين وتخويفهم ودفعهم بالتالي إلى التخلي عن المطالبة بحقوقهم وعدم التفكير في الإحتجاج أو العصيان مرة أخرى،وفي أيام الإحتجاجات تلجأ السلطات  إلى زرع بيادقها ورجالها المدسوسين بين صفوف المحتجين لاستفزازهم،إما بحمل شعارات مغايرة تماما لتلك التي يهتف بها المحتجون،أو عن طريق الإحتكاك و الإصطدام المتعمد بهم وعرقلة سير المظاهرة،مما ينتج عنه مشاحنات و مشاجرات يحسب السذج أنها تندلع بين المحتجين،لتجد الألة القمعية بذلك الضوء الأخضر للتدخل وتفريق المتظاهرين بعنف تنتج عنه إصابات بليغة وبث الرعب في نفوسهم،وذلك تحت بذريعة التدخل لوقف أعمال الشغب أو لفك المتشاجرين،ومن الأساليب التي تتعامل بها سلطات هذه الدول كذلك مع الإحتجاجات،و مع كل معارض لسياستها؛هو نهج أسلوب شعبوي ديماغوجي،يسعى إلى إثارة عواطف الناس وكسب ودهم، وذلك بوصف المحتجين بمجرد مراهقين أو شبان طائشين،أو مجرمين ذوي سوابق،أو عملاء لجهات خارجية،وهذا الأسلوب كاف لتبرير القمع الأمني للمحتجين وتسويق الخطابات الرسمية لدى بعض المواطنين الذين لا ينظرون إلى المحتج كطالب حق،وكثائر على الوضع،بل كخائن وعميل وفي أفضل الأحوال كمشاغب.

 بالعودة إلى ما وقع في بوكيدارن بالحسيمة وما وقع بتنغير،سنجد أن تعامل السلطات معها لم يخرج عن نطاق الأساليب التي تم ذكرها سلفا،حيث أطلقت هذه السلطات رجالها لاستفزاز المحتجين بعبارات عنصرية تحريضية،تدل على انحطاط في الأخلاق،وعلى مستوى الوعي المتدني أو المنعدم عند هؤلاء و الذي يفرضه واجب المواطنة،كما يدل على تهورهم وعدم احتساب العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن تلك التصرفات اللامسؤولة،إذ من المشين فعلا أن تطلق تعابير من مثل؛حفدة سبليون،الشلوح الخانزين،الكرابز،أولاد العاهرات،وغيرها من العبارات الساقطة التي تصنف ضمن دائرة العنف المعنوي أو التعبيري الذي تتم ممارسته أمام مرأى ومسمع المسؤولين،بل بأمر ومباركة منهم،و كل ذلك بهدف استفزاز مشاعر المحتجين ودفعهم إلى القيام بأعمال عنف مضادة سواء أكانت مادية كالرشق بالحجارة و الدخول في مشاجرات مع قوى الأمن/القمع،أو بتبادل السب والشتم مما يفتح المجال لقوى القمع للتدخل باسم فرض القانون ومحاصرة المشاغبين،متناسين أنهم السباقون إلى إثارة الشغب بتصرفاتهم اللاأخلاقية وغير المواطنة.

 *حول الشغب:

الشغب باختصار هو كل ما يؤدي إلى تخريب الممتلكات،والإخلال بالأمن العام،وهو ناتج عن عدة أسباب أهمهما السخط على الوضع،والإحساس بالميز والتهميش والإقصاء،كما قد يكون محاولة للإنتقام من النظام القائم(الإنقلابات العسكرية مثلا)،أو لتحسين الأوضاع والتعبير عن عدم الرضى والرفض للسياسات الإقتصادية أو الإجتماعية أو السياسية أو الثقافية المتبعة والمتأزمة،ويعتبر دفع الناس إلى إثارة الشغب جريمة لا تغتفر،وبذلك نجد أن "الشغب التعبيري" الذي تمارسه قوى الأمن المغربية مثلا على المحتجين من العبارات النابية -التي أوردنا بعضها سلفا- جريمة لا تغتفر لأنها هي السبب الرئيس في دفع المحتجين إلى ارتكاب أعمال الشغب.

 في نظري الشخصي يعتبر شغب الكثير من المسؤولين،وشغب السياسات الفاشلة المتبعة في تدبير جميع المجالات،الدافع الرئيس إلى أعمال شغب أخرى من طرف المواطنين،التي لا تتعدى كونها ردود أفعال انتقامية من هؤلاء المسؤولين وسياساتهم،وهذا لا يحدث في البلدان المتخلفة فقط،بل حتى في البلدان الرائدة ديمقراطيا،ففي فرنسا مثلا نلاحظ حجم السيارات التي يتم  إحراقها وواجهات البنايات التي يتم تحطيمها عند كل حملة احتجاجية،كل هذه الأعمال غالبا ما تصدر عن شبان ينتمون إلى الضواحي الفقيرة،كتعبير على انتقامهم من السياسات الرسمية،وطريقة لإثبات وجودهم وإثارة انتباه المسؤولين الذين يعتبرهم هؤلاء سببا في تأزم أوضاعهم.

إن شغب  بعض المسؤولين إذن أشد وطأة و وقعا من شغب بعض المحجتين،بل هو سبب لكل شغب كما قلت آنفا،إذ لا يمكن بهذا الصدد مثلا؛أن نعاقب شابا ضبط مثيرا للشغب أثناء مقابلة لكرة القدم وهو بالكاد يملك ثمن التذكرة لولوج مدرجات الملعب،ونترك مسؤولا ينهب ملايين الدراهم بلا حسيب ولا رقيب،أليس شغب هذا المسؤول أكبر وأفظع من شغب ذلك الشاب؟؟وفي نفس السياق لا يمكن وضع مدونة أو قانون يجرم شغب الملاعب،وتناسي شغب البرلمان وتلك المهازل المسرحية والفوضى التي تحدث من طرف أشخاص يفترض فيهم أن يكونوا القدوة والنموذج في  حسن الأخلاق و الإنضباط و الإلتزام بالقانون،فإذا كان هؤلاء الذين يتقاضون ملايين الدراهم شهريا مدفوعة من أموال الشعب،لا يحترمون القانون ويثيرون الشغب،ويفعلون "شرع إديهوم" بلا حسيب ولا رقيب،فكيف نريد من شاب يائس،وضعه متأزم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ونفسيا أن يحترم القانون،ويكون شابا وديعا "ضريف أو دريويش"،وأن يسكت عن الظلم والفساد الواقعان والممارسان عليه،وكل من يطالب بحقوقه ويرى مصيره يتم التلاعب به فيثور على الوضع وينتقم بطريقته،كما يفسد المسؤولون بطرقهم يسمونه مشاغب ومجرم؟! كيف أعاقب لصا ضبط وهو يسرق دريهمات من جيوب المتسوقين والمارة وأترك لصوصا يسرقون ملايين أو ملايير الدراهم ولا من يحاسبهم؟؟ المحاسبة إذن والقانون يجب أن يخضع له الكل،أم أن القانون كخيوط العنكبوت يخترقها الأقوياء ويعلق بها الضعفاء؟ فكيف أرى الدولة تتعامل بمنطق الغزل و الدلع مع مناطق بعينها وتمنحها كل الإمتيازات من نقل مجاني لساكنتها والمنح الدراسية والسكن الجامعي لكل طلبتها،وتعويض المعطلين من شبابها بمنحهم ما يسمى بطائق الإنعاش،في حين نجد مناطق أخرى تفتقر إلى أبسط أبسط البنيات،مع العلم أنها تتوفر على إمكانيات إقتصادية لا تتوفر لغيرها من المناطق التي تفوقها كثيرا من حيث المشاريع التنموية والبنيات التحتية والمرافق الإقتصادية و الإجتماعية  والثقافية،كما أن الإمكانيات الإقتصادية لهذه المناطق المهمشة أكثر بكثير من الإمكانيات المتوفرة في تلك المناطق التي تتمتع بتعويضات عن البطالة وحقوق وامتيازات أخرى لا تتوفر لغيرها،أليس إذن هذا تهميشا ممنهجا ومقصودا وشغبا ليس ككل الشغب؟ أليس التعامل بمنطق الميز بين مناطق الوطن الواحد هو الشغب الذي يهدد وحدة البلاد،وهو الذي أدى إلى تمزيق كثير من البلدان؟ أليس من الشغب سرقة ثروات منطقة ما وتوجيهها لخدمة مناطق أخرى؟ أليس تعتيم الإعلام الرسمي ممثلا بالخصوص في القناتين الأولى والثانية على أحداث تنغير شغبا وميزا وإقصاء،في حين يتم تركيز اهتمام القناتين على أخبار تافهة في كبريات المدن وكأن المغرب  هو فقط هذه المدن! 

*حول تنغير:

في تنغير التي انتفض أهلها ضد الشغب،والتي لا يعرف ربما أغلب المغاربة الكثير عنها،يوجد أكبر منجم للفضة في شمال إفريقيا،بنسبة إنتاج تتراوح بين 200و240 طن سنويا،من الفضة ذات الجودة العالية التي تصل نسبة صفائها إلى99%،وللإشارة فقد عرفت أثمنة الفضة ارتفاعا كبيرا خلال السنين الأخيرة(بيان الكنفدرالية د للشغل،النقابة الوطنية للطاقة والمعادن،فرع منجم إميضر-تنغير،صادر يوم4 أكتوبر 2008)،كما تتوفر مدينة تنغير على مؤهلات سياحية هائلة،إذ توجد بها مضاييق تودغى التي تجلب ألاف السياح المغاربة والأجانب سنويا،وتصل ذروتها في فصل الصيف،حيث تشهد اكتظاظا وازدحاما كبيرا بالزائرين،وتتوفر تنغير أيضا على واحة وقصابات غاية في الروعة والجمال تمتد على طول أكثر من 20 كلمتر،تستقطب الزائرين من مختلف أنحاء المعمور،هذا فضلا عن موقعها الإستراتيجي بين أهم قطبين سياحيين واقتصاديين بمنطقة الجنوب الشرقي وهما ورزازات أو هوليود إفريقيا كما تسمى و الرشيدية،وبذلك نجد أن السياحة بالمنطقة  تشكل موردا هاما للعملة الصعبة،هذا دون إغفال أن أكبر جالية في الخارج بالجنوب الشرقي تنتمي إلى إقليم تنغير،بل وتعتبر من أكبر الجاليات المغربية بالخارج،تضخ مبالغ مالية كبيرة في خزينة الدولة،لكن للأسف الشديد عندما نقارن حجم هذه الموارد و الإمكانيات مع حجم ما "تحقق" على أرض الواقع سنصاب بالغثيان،فالمدينة لا تتوفر  إلا على مركز صحي من مخلفات الإستعمار،والطرق في حالة يرثى لها،حيث الطريق بين مركز المدينة و مضاييق تودغى مثال صغير من بين عشرات الأمثلة،فهذا الطريق لا يحمل من الطريق إلا الإسم،طريق ضيق،محفر، أشبه إلى مسلك غابوي منه إلى طريق سياحي،لا تستطيع  السيارات التقابل فيه،ما يضطر أحد السائقين للخروج عن الطريق ليفسح المجال للسائق القادم في الإتجاه المعاكس،وفي حال تعنت كليهما تحدث حوادث مميتة ويا للأسف،أما وسط المدينة فحالة الأزقة والشوارع لا تسر الناظرين،في النهار ترى أنه بين حفرة وحفرة حفرة،وفي الليل ونتيجة انعدام الإنارة فحذر أن لا تسقط في حفرة!! وفي أيام الفيضانات والثلوج كتلك التي شاهدتها المنطقة قبل مدة قصيرة فالوضع يصبح جهنميا،وتعزل مناطق بكاملها،وتجرف ممتلكات،وقناطر،أما من حيث الخدمات المقدمة،وتعامل الإدارات العمومية مع المواطنين فعنوانه الإحتقار والزبونية والمحسوبية والرشوة و الإبتزاز،فلإنجاز وثيقة بسيطة لا يتطلب إعدادها عشر دقائق يضطر المواطن للانتظار ساعات طوال،لأن المسؤول الفلاني غائب،أو لأنه تأخر عن العمل،أو لأنه مشغول بما هو"أهم كتوقيع الصفقات"،مع العلم أن هناك من يأتي من مناطق بعيدة لإنجاز وثائقه الإدارية،إذن عندما نستحضر كل هذه المعطيات،ليس في وسعنا إلا التساؤل؛أليس هذا هو أكبر شغب؟؟ وهل عبثا ينتفض الناس؟؟ هل عبثا طعن مواطن من بومالن  ن دادس-وهي مدينة صغيرة تنتمي إلى إقليم تنغير- باشا المدينة،لما عرف عنه من تسلط،أيام قليلة فقط قبل مسيرة تنغير من أجل رفضه تسليمه وثيقة؟ وهل " لله" قامت ساكنة بلدة صغيرة تسمى بوديب تنتمي لقيادة ألنيف التابعة لإقليم تنغير دائما،وفي نفس الأسبوع الذي عرف مظاهرة تنغير،بانتفاضة شعبية تم خلالها رشق سيارة القائدة بالحجارة مما ألحق بها عدة أضرار،وفي اليوم الموالي قامت ساكنة البلدة بما يشبه نزوحا جماعيا تعبيرا عن سخطهم ورفضهم لسعي السلطات ممثلة في المياه والغابات الترامي على أراضيهم التي هي مرعى  أغنامهم ومصدر رزقهم الوحيد؟؟ إذن هل عبثا وصدفة ثار كل هؤلاء؟؟ ستقول السلطات بديماغوجيتها المعهودة،وأسلوبها الزائف،بأن أيادي خارجية هي من يحرك كل هؤلاء،وسيصدقها السذج و البلداء كالعادة،في حين أن هؤلاء المسؤولين وما يسمى بالإعلام الوطني لا يعرفون أصلا بوجود هذه المناطق المنسية،المقصية،فما بالك أن تعرف بوجودها ما يسمونه أيادي خارجية؟! 

أعود وأكرر أن الناس لا ينتفضون عبثا،بل لأنهم يرفضون شغب المسؤولين ونهج سياسة الأذان الصماء اتجاه مطالب المواطنين وشكاويهم،فرغم غنى تنغير كما رأينا فأهلها لا يطالبون بأكثر مما يستحقون و لا يطالبون بالمستحيل،إذ ليس عيبا أن يكون الإنسان فقيرا في بلد فقير،بل العيب أن يكون الإنسان مفقرا في بلد غني،والعيب أن نجد مواطنين من دول أخرى لا تتوفر على نصف ما نتوفر عليه من موارد،ومع ذلك فهم أغنى منا على كل المستويات،قارنوا اليابان بالمغرب وسترون،اليابان مجرد جزر متناثرة تتزعزع من حين لأخر،لا وجود فيها لثروات معدنية،و لا فلاحية،ومع ذلك انظروا ما وصلت إليه،سيقول قائلهم اليابان وصلت بإرادة شعبها وقوته؟؟ وسأرد عليه؛وهل ترك  المسؤولون المشاغبون لهذا الشعب قوة وإرادة؟؟

 الناس في حاجة إلى مشاريع تنموية حقيقية لا إلى شعارات فارغة،إلى معامل تمتص أفواج المعطلين،إلى تسهيلات بل إلى إعفاءات ضريبية لتشجيع استثمار الشباب،إلى إحداث مطارات وطرق سيارة ومد هذه المناطق بخطوط السكك الحديدية،فلو استثمرت أموال وعائدات المنطقة في هذه المجالات لما وجدت معطلا واحدا ولا شابا يفكر في الهجرة،وأقصد هنا بالمنطقة كل الجنوب الشرقي،الذي يسمى جنوبا لكن لا يتمتع بنصف ما يتمتع به "الجنوب"،فالناس  هنا لا تطلب المستحيل،لو أنجز مثلا طريق سيار يربط بين الرشيدية و ورزازات عبر تنغير فأكيد جدا أنه سيخدم السياحة بالمنطقة و يوفر مناصب شغل مهمة،ولو أحدث خط سككي على نفس المسار لحقق الخير والنماء لكل أهالي المنطقة،ونفس الشيء يقال عن المطارات والمعامل وغيرها،من المشاريع الحقيقية.

 *حول رفع الأعلام الأمازيغية في التظاهرات:

أقول لكل الغوغائيين والسفسطائيين وأصحاب الخطابات العاطفية من المضللين والمدلسين،لن تغيروا من الواقع شيئا بغوغائيتكم وتخريفكم،إلى كل الذين وصفوا المحتجين المنتفضين بالمراهقين والطائشين أقول; لم يعد أحد يصدق هذه الخرافات،كلما انتفض وثار شباب يائسون سئموا من الوضع الذي لم  ولن يتغير،وكلما ثاروا ضد عنصرية قوى القمع/الأمن وتعابيرهم وتصرفاتهم اللاأخلاقية،إلا وصفوا بالمراهقين والمشاغبين وذوي السوابق و...و...، وهنا أؤكد أني ضد الشغب،لكن ضد كل أنواع الشغب التي أشارت إليها سابقا،كما أصر على أن تكون معاقبة المشاغبين تنازليا وليس تصاعديا،أي من أعلى إلى أسفل وليس العكس،ومعنى هذا محاسبة كبار المشاغبين قبل الإنتقال إلى محاسبة "المشاغبين الصغار" الثائرين ضد شغب الكبار،فهنيئا مرة أخرى لساكنة تنغير بهذه المسيرة الشعبية التي تستحق فعلا أن تسمى شعبية،لأنها جاءت بتلقائية وعفوية قل نظيرها،وهب إليها كل شباب منطقة تنغير من كل فج عميق،دون أن توفر لهم حافلات لنقلهم مجانا،كما يتم العمل به والإعداد له مع تلك المسيرات التي توصف زورا بالشعبية والمليونية والتي يدعو إليها ويحضر إليها المشاغبون الكبار،وترفع فيها رايات فلسطين،وتوجه أنظار الشعب نحو قضايا بعيدة عنه كل البعد، ويراد لها أن تصبح قضايا وطنية وذلك لصرف أنظار الشعب عن همومه وقضاياه الوطنية الحقيقية،فينسى الشعب ذاته ومن يكون وماذا يريد ثم ينساه العالم،وهنا أود أن أقول فيما يخص رفع الأعلام الأمازيغية؛إن قانون الإحتجاجات والإضراب واضح في هذا المجال،فإذا كنا قد قلنا بأن الإحتجاج حق مشروع،يدخل ضمن حرية التعبير ووسائله،فإنه من حق المتظاهر أن يهتف بالشعارات التي يريد،ويحمل اللافتات التي يريد،شريطة أن لا يمس ذلك بأمن الأخرين وحريتهم وسلامتهم،وعليه يحق للأمازيغ أن يحملوا أعلامهم التي اختاروها عن قناعة ومحض إرادة،مادام ذلك لا يشكل خطرا على أحد،ولن أدخل هنا في مناقشة دلالات العالم الأمازيغي،وتاريخ الراية الرسمية لأن هذا موضوع طويل يحتاج مقالا مستقلا،لكن أقول لكل هؤلاء الذين يصفون المحتجين الحاملين للأعلام الأمازيغية بالإنفصاليين والخونة...هذا شغب تعبيري لن يزيد ولن ينقص في شيء،عماذا سينفصل هؤلاء الأمازيغ هل عن أرضهم ووطنهم أم ماذا؟هل الذين يناضلون بل ويرفضون بالبت والمطلق قيام شيء إسمه الجمهورية العربية في جنوب المغرب يستحقون أن نسميهم إنفصاليين أو حتى أن نقارنهم بالإنفصاليين الحقيقيين؟ بئس حقدكم وكراهيتكم لكل ماهو أمازيغي،فأنتم لا تخرجون عن دائرة الشغب الذي تمارسه السطات ضد كل ما هو أمازيغي،و هنا أقول لكم؛أنظروا عندما تجرى مقابل الديربي البيضاوي ماذا يحمل ألاف البيضاويين في شوارع البيضاء،أليس أعلام الرجاء والوداد وبعضهم أعلام البارصا والريال،بل ربما أعلام إسبانيا أو إيطاليا... في المدرجات؟؟ فلماذا لا تعاتبون هؤلاء إن كانت الوطنية تقاس برفع  هذا العلم أو ذاك؟؟ تجولوا في كل البيوت فحتما ستجدون أغلب البيوت لا تخلو من علم للبارصا أو للريال أو الوداد أو الرجاء،في حين لن تجدوا الراية الوطنية في كل البيوت،سيقول قائل الرياضة ليست هي السياسة،صحيح لنعد إذن إلى السياسة،في المغرب يخرجون الناس ويسقونهم بشعرات طنانة ملؤها النفاق السياسي و قوامها الشعبوية الفارغة واللعب على العواطف للتظاهر لصالح فلسطين،فتكون أعلام فلسطين أكثر بكثير من الأعلام المغربية التي تبدو يتيمة وسط الكم الهائل لرايات فلسطين،ونفس الشيء يقال بالنسبة لاحتجاجات فاتح ماي،كل هذا ولا من يعاتب أو يلوم أو يستنكر هذا الإستلاب الخطير،ولست هنا ضد التضامن مع فلسطين أو أي شعب أخر لكن ضد جعل قضية فلسطين أولى من قضايانا وهمومنا الوطنية الحقيقية،فهل فاتح ماي عيد للشغيلة للتعبير عن مطالبها أم لفلسطين وحمل أعلامها؟؟ولنعد إلى فلسطين هل سبق لهذه الدولة أو لهذا الشعب أن خرج في مسيرة مليونية يحمل فيها رايات المغرب تعبيرا عن تضامنه مع قضية الوحدة الترابية للمغرب؟ وفي فلسطين دائما ماذا يحمل ألاف المواطنين في خطب  حركة حماس أو فتح،أو المظاهرات التي تدعو إليها كلتا الحركتين  كل واحدة على حدا،أليس أعلام حماس وأعلام فتح أم أعلام فلسطين؟؟ وماذا يحمل ألاف اللبنانيين أتباع حزب الله في مظاهراتهم و مهرجاناتهم الخطابية الحاشدة،هل هي أعلام حزب الله أم أعلام لبنان؟ ونفس الشيء في كطالنيا الإسبانية،والباسك،وجزر الكناري،وفي فرنسا وفي كل دول العالم يحمل المحتجون اللافتات والأعلام التي يريدون،فيرفعون أعلام شركاتهم أو نقاباتهم أو أحزابهم أو كل ما يعبر عن انتمائهم و يشكل رمز هويتهم،وفي المغرب في أيام الحملات الإنتخابية يحمل أتباع الأحزاب صور مرشحيهم،ورايات تحمل رموز أحزابهم ...فلماذا يحق لكل هؤلاء فعل ذلك،وتعاتبون الأمازيغ على رفع أعلامهم التي اختاروها بمحض إرادتهم؟؟ أم أن الأمازيغ لا يحق لهم فعل شيء إلا بترخيص  وأمر من الشرق وعملائه القومجيين في المغرب الذين يعتقدون أنفسهم أوصياء على هذا الشعب،والشعب ملكا لهم يفعلون به ما شاؤوا؟؟ ذلك ما لن يحصل ومظاهرة تنغير و بوكيدارن لخير دليل،والباقية ستأتي،إذا استمر شغب التهميش ومسلسل الفساد والإقصاء والميز ،والتلاعب بالعقول وتزييف الحقائق والمعطيات.

 

 عن هسبريس


Partager cet article
Repost0

commentaires

صفحة البداية

الأولى مقالات صور إتصل بنا --------------

 

  متصل على الموقع

--------------

Archives